اتفاقيتي تمويل بقيمة إجمالية قدرها 150.6 مليون يورو دعما لاستراتيجية المغرب الفلاحية الجديدة “الجيل الأخضر” 2020-2030. لمدة عشر سنوات المقبلة، وقعت وكالة التنمية الفرنسية أمس مع المغرب من أجل دعم المجال الفلاحي في المناطق القروية. وأيضا بالنسبة للمديرين التنفيذيين بالبنك الدُّوَليّ، تبدو الفكرة طموحة، حيت وافقا في 15 ديسمبر 2020 على تقديم 250 مليون دولار “للجيل الأخضر” وهي الإستراتيجية الجديد لدعم المناطق النائية.
لم يكن موقع “هوامش” ليطرح سؤال الجدوى من تمويل برنامج “الجيل الأخضر” لولا الحيثيات المحيطة بالموضوع، والذي تجعل منه، محط اهتمامنا. لقد طرحت وزارة الفلاحة والصيد البحري، منذ 2008 نفس الأفكار، في إطار “استراتيجية مخطط المغرب الأخضر”، غير أن هذا المشروع على الأرض أدى إلى نتائج كارثية حسب مندوبية التخطيط (رسمية).
إن العمل على مدى عشر سنوات الماضية في إطار مخطط المغرب الأخضر، لم يعمق فقط التفاوتات الإجتماعية بين الفلاحين، بل فشل أيضا في تنمية المناطق القروية، وما تزال هذه المناطق هي الأكثر احتضانا للفقر والتهميش، وبحسب الإحصائيات المعلن عنها رسميا، فإن القطاع الفلاحي لم يصل إلى تغطية احتياجات المغاربة.
البرنامج الجديد مع وكالة التنمية الفرنسية الذي سيكلفها حوالي 150 مليون يورو، ( 150 مليار درهم) سيتم تنفيذه على المستوى الوطني في ثلاث مناطق زراعية رئيسية (المنطقة الشرقية وفاس-مكناس وسوس ماسة). وتعرف هذه المناطق نشاطا فلاحيا هاما، لكنها تحضن الفلاحين الأكثر فقرا في المغرب.
إن هذا البرنامج الموقع مع الوكالة الفرنسية، حسب بلاغ رسمي، اطلعت ”هوامش” على نسخة منه، يهدف إلى جعل هذه المناطق القروية أكثر جاذبية للأجيال الشابة وأكثر ربحية لصغار المزارعين من خلال تمويل تحديث البنية التحتية والتجهيز والتسويق، وتمكين الشباب والنساء في المناطق القروية من تطوير أعمالهم التجارية الخاصة أو التعاونيات الخدمية في القطاع الزراعي وشبه الزراعي، وتسويق المنتجات المحلية وصيانة المزارع والمعدات الزراعية والخدمات الرقمية والاستشارات الإدارية.
وقال ماليس بورغيزي، في هذا الإطار، وهو رئيس برامج الزراعة والتنمية القروية والتنوع البيولوجي في الوكالة الفرنسية للتنمية في الرباط إنه سيتم دعم ما يصل إلى 100 ألف شاب في إقامة وتطوير مشاريعهم الريادية، وذلك من خلال تمويل مشاريع تحويل المزارع العائلية إلى الزراعة الإيكولوجية أو العضوية ، ويساعد البرنامج على تحسين إدارة الموارد الطبيعية. مضيفا أنه سيستفيد ما مجموعه 12 ألف منتج من الدعم لتطوير ممارسات الزراعة الذكية مناخياً وسيتم تحويل أكثر من 8 ألاف هكتار إلى الزراعة العضوية أو الزراعة الإيكولوجية.
إن هذه الأرقام المصرح بها تضع على الطاولة سؤالا كبيرا. لماذا لم ينجح “مخطط المغرب الأخضر” في تحقيق أهدافه؟ والتي كان قد سطرها منذ سنة 2008، وتتمحور حول نفس المواضيع والأهداف؟ إن التقرير الحديث الذي أعدّته اللجنة الملكية للنموذج التنموي، يؤكد الفرضية. إننا أمام وعكة فلاحية لم تنجح الوعود في معالجتها. من خلال رقمين كشفت عنها. يمكن تلخيص وضعية التفاوتات الحاصلة، في أن نسبة الأشخاص ذوي الدخل المنخفض هو 12.7٪، 6.8٪ منهم في المناطق الحضرية و 22.9٪ في المناطق القروية. 4.5 مليون من المغاربة فقراء، ثلثي هذا الرقم (66.4٪) مقيم في المناطق القروية. ولم ينجح المخطط الأخضر في تنميتها.
منذ عشر سنوات والفلاحين الصغار ينتظرون من يمد لهم يد المساعدة، والهدف الذي بشرت به وزارة الفلاحة منذ عشر سنوات لم يتحقق، خاصة فيما يتعلق برفع دخل الفلاحين وتقوية الصادرات وتحقيق الأمن الغذائي. إن مكتب الصرف قال منذ سنة، إن الإنتاج الفلاحي ضعيف، ورغم الوعود المقدمة منذ أكثر من 10 سنوات، ما زال المغرب يقوم باستيراد المواد الغذائية بنسبة 13.6 بالمئة في 2020. بينما ارتفع استيراد الحبوب نتيجة انخفاض الإنتاج المحلي رغم المصروفات التي وصلت إلى 13,5 مليار درهم في مشاريع الفلاحة التضامنية و16 مليار درهم لمشاريع الري والتهيئة.
“أية آفاق للتبعية الغذائية للمغرب بحلول عام 2025” التقرير الذي كان قد صدر في ديسمبر 2020 ضمن “مختصرات المندوبية السامية للتخطيط” أشار صريحا إلى فشل مخطط المغرب الأخضر في الوصول إلى أهدافه. علاوة على ذلك وحسب وسائل الإعلام “فإن الإسهام في مساهمة القطاع في سوق الشغل شهدت تراجعا خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2018، حيث انتقلت من 40.9 بالمائة إلى 34 بالمائة، في حين أن ديناميكية الإنتاج المرتبط بمخطط المغرب الأخضر كان يفترض أن يصاحبها خلق 125 ألف منصب سنويا في المتوسط”.
يهدف البرنامج إلى تنمية القطاع الفلاحي، ويبدو أنه برنامج طموح لتنمية القطاع الفلاحي الذي يساهم 12٪ و 14٪ من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، ويساهم بنسبة 38٪ في التشغيل، على المستوى الوطني، 70٪ منها في المناطق القروية، غير أن الغالبية من سكان القرى تحت حزام الفقر. فهل سيعاد نفس الشريط في 2030؟