الرئيسية

مُنتجو الدلاح يتكبدون خسائر كبيرة.. وفرة الانتاج والإشاعات تربك السوق

لم يكن صيف 2021 عاديا بالنسبة للفلاحين الذين ينتجون فاكهة الدلاح بالمغرب، فالأثمنة نزلت إلى مستويات قياسية منذ بداية الموسم، والخسارة وإن تكبدها الفلاح بشكل أكبر، فإن بعض التجار أيضا عصفت بهم هذه التجارة التي تنتعش كل صيف، لكنها تأثرت هذه السنة بعوامل كثيرة، إلى أن بيع البطيخ الأحمر بـ10 سنتيمات للكيلوغرام الواحد في الضيعات الفلاحية وهو الذي كان يباع فيها في بداية المواسيم بـدرهمين على الأقل للكيلوغرام، وهو ما يعني انخفاضا لعشرين مرة في الأثمان!

بداية الإشاعات

بداية ماي، مع بداية ظهور بطيخ زاكورة في الأسواق،  أطلق النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية المقرئ أبو زيد الإدريسي تصريحات موثقة في شريط على وسائل التواصل الإجتماعي يؤكد فيها أن ” دلاح زاكورة معدل جينيا حتى أصبح شديد الحمرة و الحلاوة و ينتج في شهر 3 عوض 8′′.

وأضاف أبوزيد في ذات الفيديو  أن “هناك شريط فيديو يتحدث عن المضار الصحية لهذا الدلاح منها الدود الذي يتواجد فيه بسبب حقنه بالهرمونات”.

انتشرت تصريحات هذا النائب البرلماني كالنار في الهشيم، وصدقها الكثير من الناس، وكانت تلك أول ضربة يتلقاها دلاح زاكورة في عز ظهوره، فتراجع المستهلكون أو بعضا منهم للوراء، وأجّلوا تذوق هذه الفاكهة ولو إلى حين. كسدت تجارة البطيخ لأيام، بدأ الثمن ينزل وأصبحت تلك “الدلاحات الأولى” التي تشترى بـ30 درهما أو 40، يطلب مقابلها الباعة 20 أو أقل من ذلك.

“الأونسا” يُكذب

لم يقف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بالمغرب مكتوف اليدين تجاه هذه التصريحات التي أخافت بعض المستهلكين من هذه الفاكهة الصيفية، وأربكت حسابات الفلاحين والتجار الذين ينتظرون الصيف لتذر عليهم مداخيل كبيرة من هذه التجارة خاصة في بعض المناطق بزاكورة التي عُرفت بالبطيخ الأحمر. فقد أصدر مكتب ” ONSA” بيانا قال فيه إن بذور البطيخ الأحمر المستخدمة في زراعته بالمغرب غير معدلة جينيا، على اعتبار أن المكتب يشترط  في استيراد مختلف الأصناف النباتية، بما في ذلك بذور البطيخ الأحمر، الحصول على ترخيص مسبق من “أونسا”.

 وأوضح مكتب السلامة أنه “يلزم مستوردي الأصناف النباتية التوفر على شهادة صادرة عن مستنبط الصنف النباتي في بلد المصدر، تثبت أن الصنف النباتي المستورد غير معدل جينيا. كما يجب على الصنف المراد تسويقه في المغرب أن يكون مسجلا في السجل الرسمي للأصناف النباتية بالمغرب بعد استيفائه لجميع الشروط، منها شهادة إثبات المستنبط أن الصنف غير معدل جينيا، بالإضافة إلى إخضاع الصنف المعني لتجارب من طرف مصالح أونسا تثبت مطابقته ومردوديته وملاءمته لظروف المناخ والتربة بالمغرب”.

هذه زلة لسان، وأرجو أن تقبلوا مني اعتذاري، وأن تغفروها لي، وأنا غير مختص في هذا المجال، ولم أقلها في البرلمان أو في سؤال كتابي، ولا أقصد الإضرار بالفلاح الصغير

زلة لسان و اعتذار

اشتكى المهنيون من فلاحين وتجار من تصريحات البرلماني الإسلامي المعروف وهدد بعضهم باللجوء للقضاء بعد كساد التجارة سيما وأنه غير متخصص في المجال، إلا أن كونه مشهورا وبرلمانيا إسلاميا فقد كان لتصريحاته وقع كبير. فخرج في شريط آخر من 12 دقيقة ليعتذر للفلاحين الصغار في زاكورة ويقول “هذه زلة لسان، وأرجو أن تقبلوا مني اعتذاري، وأن تغفروها لي، وأنا غير مختص في هذا المجال، ولم أقلها في البرلمان أو في سؤال كتابي، ولا أقصد الإضرار بالفلاح الصغير”. ومما قاله كذلك “أخطأت عبر زلة لسان، واسم الدلاح في الدار البيضاء مقترن بزاكورة، وذلك بسبب جودته العالية، وإقبال الناس عليه، وكلمة الدلاح جرتني إلى زاكورة”.

وفرة الإنتاج

رغم تكذيب الإشاعات أو الاعتذار عنها فإن تأثيرها يبقى تحصيل حاصل، وهو ما وقع في قضية الدلاح، فقد تبادل الناس فيما بينهم تسجيلات صوتية مجهولة الهوية تحذر من تناول الدلاح مثل سيدة تقول “لا تأكلوا الدلاح ولا تطعموه لأولادكم فقد توفيت فتاة قبل قليل في مصحة بأكادير جراء تناولها البطيخ الأحمر”.. تنتشر هذه الإشاعات كالنار في الهشيم، وقد تسمعها بصيغ أخرى عن مدن أخرى دون أن تعرف من يقف وراءها ويستهدف الإضرار بمصالح الباعة والفلاحين ومادا يستفيد من وراء ذلك.

إلا أن فلاحين آخرين يرون بأن سبب الكساد بعيد عن كل هذه الإشاعات، “الناس يأكلون الدلاح منذ القدم، والأعمار بيد الله، ورغم كل هذه الإشاعات فالناس يشترون الدلاح، المشكل في أن العرض يفوق الطلب بكثير” يقول محمد وهو فلاح ينتج البطيخ الأحمر بزاكورة. وزاد في حديث مع هوامش” مشكل هذه السنة هو وفرة الإنتاج لأن البطيخ نضج ودخل للسوق في نفس الوقت من مناطق مختلفة”.

6 أشهر من البطيخ

بحسب هذا الفلاح الذي ينتج ثم يتاجر في الدلاح لسنوات، فإن الأزمة تتعلق بمبدأ العرض والطلب فقط. ولا علاقة لها بأبوزيد أو تسجيلات الوتساب. فالدلاح محبوب عند المستهلكين لحلاوته والانتعاش الذي يتركه عند الناس خاصة مع حر الصيف. وفي السنوات الماضية كان دلاح زاكورة يظهر في أبريل، فيباع بثمن مرتفع سواء في المغرب أو في الخارج، ثم يظهر بعدها دلاح طاطا، ثم أولاد تايمة، ثم شيشاوة وهكذا. حيث كل منطقة كانت تبيع بطيخها بكامل التراب المغربي، لأنه ينضج في فترات متتالية، إذ يمتد تواجد الدلاح في السوق المغربي من شهر أبريل إلى شتنبر تقريبا. عكس هذه السنة حيث جميع المناطق أدخلت إنتاجها من البطيخ الأحمر في نفس الفترة وهو ما جعل العرض يفوق الطلب. حيث بلغ ثمنه يوم 26 يونيو بسوق الجملة بأولاد تايمة 15 سنتيما للكيلوغرام.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram