صلاح الدين لمعيزي، أوريان 21. ترجمة هوامش بتصرف
تبلغ درجة الحرارة هنا 38 في الظل. نحن في ضيعة بمنطقة أولاد زيان، على بعد 30 كم من الدار البيضاء. في هذا السهل الخصب، يقاوم بعض المزارعين غزو البناء الاسمنتي رغم ضغط المنعشين العقاريين لدفعهم إلى التخلي عن أراضيهم. يعتبر عبد اللطيف، 68 سنة، أحد هؤلاء الفلاحين النادرين الذين يرفضون المال المقترح من قبل المنعشين ووسطائهم، إلا أنه كاد أن يغير رأيه بسبب الموسيمين الفلاحين الجافين وآثار الأزمة الصحية لكوفيد 29. “فقد المزارع الصغير كل شيء هذا العام”، يقول عبد اللطيف الذي بات يعمل مياوماً فلاحياً مقابل أربعة أكياس من القمح من 50 كيلوغراماً.
على النقيض نجح هشام، سنة 42، وهو مدير المزرعة، في نشاطه خلال العامين الماضيين بفضل تنويع نشاطه. “بالإضافة إلى محاصيل الحبوب، لدي نشاط تربية الماشية مخصص لعيد الأضحى ولمحل الجزارة الخاص بي. لكن، على الرغم من الوسائل لدي، فإن المصاريف ثقيلة جدا. أما بخصوص الفلاحين الصغار فالأمور أصعب بكثير”.
حجب الوباء إحدى أسوأ سنوات الجفاف خلال هذا العقد. في غياب دعم فعال وعادل من الدولة، أظهر العالم القروي قدرته المعتادة على المقاومة وتجاوز هذه الأزمة. حسب زكرياء قادري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء والمتخصص في العالم القروي، “تعيش ساكنة هذه المناطق أصلاً في الهشاشة إذ تواجه كل عام قساوة المناخ وتقلبات اقتصاد السوق “. يخشى سكان القرى، الذين يمثلون 39.7٪ من السكان المغاربة، من فيروس البؤس أكثر من فيروس كورونا.
يهيمن الفقر والتفاوتات الصارخة من حيث الوصول إلى الموارد والأراضي والمياه على المناطق القروية. على الرغم من بعض التقدم منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش في عام 1999، لا يزال العالم القروي ضعيفاُ من حيث البنيات التحتية العمومية (كالصحة والتعليم والماء والكهرباء والصرف الصحي). هذا كما أكده التقرير الحديث الذي أعدّته اللجنة الملكية للنموذج التنموي من خلال رقمين يلخصان وضعية التفاوتات هذه : نسبة الأشخاص ذوي الدخل المنخفض هو 12.7٪، 6.8٪ منهم في المناطق الحضرية و 22.9٪ في المناطق القروية. 4.5 مليون من المغاربة فقراء، ثلثي هذا الرقم (66.4٪) مقيم في المناطق القروية.
يلخص الحسين بولبرج، نائب الأمين العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، النقابة القطاعية الأولى، حصيلة الكوفيد قائلاً : ” لم يتوقف النشاط الفلاحي أبداً خلال الأزمة. حتى في عز الحجر الصحي واصلت الوحدات الفلاحية الاستجابة للطلب المحلي والتصدير.”
رابط المقال الأصلي : https://orientxxi.info/magazine/maroc-c-est-d-abord-le-virus-de-la-misere-qui-frappe-les-paysans,4844