الرئيسية

“تيمقيت”حكاية قسم دراسي يتيم بين أفاعي جبال أكدز   

الوصول إلى مدرسة معزولة بين جبال زاكورة أمر صعب للغاية ويحتمل المخاطر. للوصول إلى ”تيمقيت”، تعبر مسافة طويلة على طريق وغير معبدة في حرارة الصيف كما قساوة الشتاء. عند الوصول، يبقى المكوث فيها محفوفا بالمخاطر. منصة هوامش تحكي لكم قصة العبور الصعب إلى التدريس في  فرعية “تيمقيت” التابعة لمجموعة مدارس تانسيخت بأكذز. العبور إلى “قطرة […]

الوصول إلى مدرسة معزولة بين جبال زاكورة أمر صعب للغاية ويحتمل المخاطر. للوصول إلى ”تيمقيت”، تعبر مسافة طويلة على طريق وغير معبدة في حرارة الصيف كما قساوة الشتاء. عند الوصول، يبقى المكوث فيها محفوفا بالمخاطر.

منصة هوامش تحكي لكم قصة العبور الصعب إلى التدريس في  فرعية “تيمقيت” التابعة لمجموعة مدارس تانسيخت بأكذز.

العبور إلى “قطرة ماء”

قد لا تتصور أن الذهاب إلى الحمام لقضاء حاجتك البيولوجية أمر صعب، إنه كذلك إن كنت أستاذا أو تلميذا في فرعية تيمقيت التابعة لمجموعة مدارس تانسيخت، بإقليم زاكورة، هناك ستجد وضعا مختلفا حيث المدرسة تنتمي إلى زمن ’’لحضار‘‘ أو ربما ما قبله.

’’من أجل قضاء حاجتك أو من أجل الوضوء، عليك الذهاب إلى الجبل والتخفي والحرص ألا يراك أحد، وكما تعلم كلما ابتعدت كلما كنت مكشوفا أكثر، وحين يشتد البرد يزداد الأمر صعوبة‘‘ يقول في تصريح لهوامش سعيد جريد، الأستاذ بنفس المؤسسة والذي التحق بها هذه السنة.

فرعية ”تيمقيت” بالأمازيغية (قطرة ماء) بالعربية، تتواجد بدوار تيمقيت التابع إداريا لجماعة تمزموط، دائرة أكدز بإقليم زاكورة، المدرسة الفرعية عبارة عن قسم يتيم ينتصب وسط المرتفعات، الطريق إليها صعبة والمكوث فيها أصعب ’’الطريق ليست معبدة والوصول صعب لذلك لا يمكننا التنقل يوميا والعودة إلى منازلنا‘‘ يوضح سعيد جريد ومبارك أوخليدجا الأستاذان بالفرعية.

تبعد المدرسة عن القرية التي ينحدر منها جريد بحوالي 24 كيلومترا، ورغم أنها مسافة قد تبدو قصيرة لكن من الصعب قطعها ذهابا وإيابا بشكل يومي ’’بالنسبة لي يبعد مسكني عن المدرسة بحوالي 24 كلم فقط، لكن الوصول ليس سهلا، نمر من طريق رملية ثم نعبر الوادي المليء بالحجارة، هذا أمر شاق ولا يمكن القيام به كل يوم‘‘ يقول جريد.

لا مياه ولا مرافق

أحدثت الوحدة المدرسية تيمقيت قبل سبع سنوات، بطلب من أولياء أمور التلاميذ الذين كان عليهم قطع مسافة 6 كيلومترات من أجل متابعة دراستهم في فرعية أخرى، ويدرس بها حاليا 15 تلميذا وتلميذة، يدرسون في 5 مستويات دراسية، بينما كان عدد التلاميذ يبلغ سابقا 24 تلميذا وتلميذة.

وتتشكل الوحدة المدرسية من قسم منعزل تحيط به المرتفعات، لا يتوفر على مراحيض ولا يوجد به ماء، ’’وهذا يشكل إحراجا كبيرا، وله جانب سلبي جدا بالنسبة للأساتذة وبالنسبة للتلاميذ على حد سواء، وينتج عنه الهدر المدرسي من جانب التلاميذ وعدم الاستقرار من جانب الأساتذة‘‘ يقول عضو المكتب النقابي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأكدز في تصريح لمنصة ’’هوامش‘‘.

الإحراج يصيب التلميذات بشكل أكبر، يوضح الأستاذ جريد ’’تلاميذ المستوى الخامس والسادس بينهم تلميذات يبلغن من العمر 15 إلى 16 سنة، وهن يواجهن صعوبة في الاستمرار في الدراسة. أن يحضر التلميذ من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الساعة الواحدة و45 دقيقة بعد الزوال، يمكنك أن تتخيل الوضع. حين تسمح لتلميذة بالخروج لقضاء حاجتها فأنت تعلم تماما أين ستذهب، الأمر يعني فضاء مكشوفا‘‘.

أساتذة بدون مأوى 

يشكل غياب سكن خاص بالأساتذة (السكن الإداري) معاناة حقيقية لكل من تم تعيينه هناك، الأستاذان سعيد جريد ومبارك أوخليدجا مضطران للسكن في غرفة منحها لهما أحد سكان الدوار، وحسب ما علمنا في ”هوامش” فإن المتبرع بالغرفة اضطر لقضاء هذه السنوات رفقة أسرته عند أحد سفوح جبل صاغرو حتى لا يحرج الأساتذة، لكنه سيكون مضطرا للعودة إلى مسكنه لأن أبناءه بلغوا سن التمدرس.

المسكن الذي يأوي إليه الأساتذة أقرب إلى سكن عشوائي منه إلى مكان للعيش، فالغرفة بدورها لا تتوفر لا على مطبخ ولا على مرحاض ولا يتوفر بها الماء، لذلك هما مضطران لجلب الماء من بئر مزودة بالطاقة الشمسية مخصصة للري، أما ماء الشرب فهما يجلبانه من عند الساكنة حيث عليهما ملء قارورات من سعة 5 لترات كل حين، بينما الاستحمام هو مجرد حلم هناك.

سكن “شبه عشوائي”:

الوصول إلى الوحدة المدرسية صعب ويحتمل المخاطر في طريق غير معبدة، لكن المكوث بها لا يخلو من مخاطر، فعدم توفرها على سور يجعلها مفتوحة على الفضاء المحيط بها، وهو ما يعني إمكانية وصول الحشرات السامة وغيرها ’’الأسبوع الماضي دخلت أفعى إلى القسم، فقمت بإخراج التلاميذ وقمت بمطاردتها إلى أن أخرجتها من الفصل وقتلتها‘‘ يقول جريد.

واعتبرت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بأكدز أن وحدة تيمقيت حلّ غير مكتمل بسبب عدم وجود سكن وظيفي، وبسبب عدم وجود الماء والمرافق الصحية، ’’غياب سكن إداري أو وظيفي ينتج عنه عدم استقرار الأساتذة، وينتج عنه تأخير وحتى غياب بسبب صعوبة المسالك أو بسبب أعطال على الطريق، ولذلك كل من قضى سنة واحدة هناك يبحث عن الانتقال وهذا له تأثير سلبي على تحصيل المتعلمين‘‘ يوضح مسؤول نقابي.

ويشكل غياب سكن خاص بالأساتذة (السكن الإداري) معاناة حقيقية بالفعل لكل من تم تعيينه هناك، الأستاذان سعيد جريد ومبارك أوخليدجا مضطران للسكن في غرفة منحها لهما أحد سكان الدوار، وحسب ما علمنا فإن المتبرع بالغرفة اضطر لقضاء هذه السنوات رفقة أسرته عند أحد سفوح جبل صاغرو حتى لا يحرج الأساتذة، لكنه سيكون مضطرا للعودة إلى مسكنه لأن أبناءه بلغوا سن التمدرس،.

المسكن الذي يأوي إليه الأساتذة أقرب إلى سكن عشوائي منه إلى مكان للعيش، فالغرفة بدورها لا تتوفر لا على مطبخ ولا على مرحاض ولا يتوفر بها الماء، لذلك هما مضطران لجلب الماء من بئر مزودة بالطاقة الشمسية مخصصة للري، أما ماء الشرب فهما يجلبانه من عند الساكنة حيث عليهما ملء قارورات من سعة 5 لترات كل حين، بينما الاستحمام هو مجرد حلم هناك.

على توقيت ”تيمقيت” وما جاورها

وضعية ’’قسم تيمقيت‘‘ ليست الوحيدة في المنطقة، فقد اطلعنا على نفس الوضع في مؤسسات أخرى، مثلا مجموعة مدارس الفكارة، تتشكل من 4 وحدات مدرسية (3 فرعيات ومؤسسة مركزية)، لا تتوفر أية فرعية على السكن الإداري، بينما وحدتان فقط من أصل 4 تتوفران على المرافق الصحية.

نفس الوضع تعرفه مجموعة مدارس أيت عبد الله التي تتشكل من 4 وحدات مدرسية، حيث يتوفر السكن الخاص بالأساتذة في فرعية تارا ملول فقط دون غيرها، بينما تتوفر المرافق الصحية في جميع الوحدات دون توفر الماء، وبذلك فهي في حكم غير الموجودة.

وتتشكل مجموعة مدارس سيت من 7 وحدات، ثلاث فرعيات ضمنها لا تتوفر على مرافق صحية و4 وحدات لا تتوفر على سكن إداري (خاص بالأساتذة)، أما مجموعة مدارس بوازار التي تتوفر على خمس وحدات فلا يتوفر السكن الإداري في أي منها، وهو نفس الأمر الذي تعرفه مجموعة مدارس بوعثمان.

النظافة نور..

لطالما ضمنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مطلب إحداث سكن إداري للأساتذة ومرافق صحية في ملفها المطلبي، وتوضح النقابة أنها حين تطرح مشكل السكن على المدير الإقليمي للتربية والتكوين، يبرر عدم توفر السكن الوظيفي بمرسوم لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران تم بموجبه حذف الاختصاص من المديريات الإقليمية فيما يتعلق بالسكن الوظيفي والسكن الإداري وشراء السيارات.

اتصلنا بالمدير الإقليمي للتربية والتكوين بزاكورة من أجل استيضاح الأمر، فطلب مهلة إلى اليوم الموالي من أجل الحصول على المعطيات، وحين اتصلنا في اليوم الموالي طلب مهلة أخرى، ثم لم نتوصل منه بشيء.

وفي انتظار أن تتحرك الجهات المعنية للنظر من حاله، يقبع قسم “تيمقيت” منكسرا بين الجبال، حيث عبارة ’’العلم نور والجهل عار‘‘ والورود التي رسمت على جدرانه لا تفلح في تخفيف وطأة الوضع، بينما من المؤكد أن الأساتذة يشعرون بحرج كبير كلما تحدثوا عن النظافة في أحد الدروس أو أهميتها في مواجهة جائحة كورونا.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram