الرئيسية

علية بوغروم، قصة قلب أم أنهكته الحياة 

قبل أربع سنوات، كانت علية بوغروم، 63 سنة، في منزلها في الحسيمة، شمال المغرب، رفقة أبنائها جميعًا، واليوم، انتهى المطاف بواحد منهم في السجن بعدما حكم عليه بالسجن 20 سنة بعد الاحتجاجات التي عرفها الريف. عاشت علية محنة الترمل بعد وفاة زوجها إثر عملية جراحية بسبب تداعيات حادثة سير لم تكلل بالنجاح، وهي في سن […]

قبل أربع سنوات، كانت علية بوغروم، 63 سنة، في منزلها في الحسيمة، شمال المغرب، رفقة أبنائها جميعًا، واليوم، انتهى المطاف بواحد منهم في السجن بعدما حكم عليه بالسجن 20 سنة بعد الاحتجاجات التي عرفها الريف.

عاشت علية محنة الترمل بعد وفاة زوجها إثر عملية جراحية بسبب تداعيات حادثة سير لم تكلل بالنجاح، وهي في سن الـ 39 من عمرها. تكفلت منذ ذلك الحين بإعالة ستة أبناء، وواجهت الحياة بكل قوة. “أمي تعذبت كثيرا بعد فقدان زوجها مبكرا، وقد ترك وراءه أطفالا صغاراً، كنتُ أكبرهم وكان في عمري 14 عامًا، وأصغرهم أختي مريم التي ازدادت والأب رحمه الله كان يرقد آنذاك في مستشفى محمد الخامس بالحسيمة سنة 1996″، يقول محمد أحمجيق الابن الأكبر لعلية بوغروم.

الأمومة والأبوة معًا لستة أبناء، تجربة أنهكت علية بوغروم، التي خاضتها بحلوها ومرها، ولكن الأجساد لا تطاوع أصحابها دائما، فقبل اعتقال نبيل أحمجيق (أحد الوجوه البارزة في حراك الريف)، ذات فجر من شهر يونيو سنة 2017، وبسبب تداعيات المعاناة مع قساوة ظروف الحياة، أصيبت بعدة أمراض من أبرزها السكري، و”بعد اعتقال أخي نبيل، أصيبت بأزمة قلبية دخلت على إثرها الإنعاش لمدة ثلاثة أيام. كدنا نفقدها لولا الألطاف الإلهية”، يضيف محمد أحمجيق لـ”هوامش”.

داء السّجن  ودواء القلب 

انفطر قلب الأم على فلذة كبدها الذي يقبع في السجن. منذ ذلك الحين وهي “على هذا الحال” يقول ابنها محمد، مضيفًا أنه “بين الفينة والأخرى تباغتها الأزمة القلبية دون سابق إشعار، رغم تناولها للدواء بانتظام. ترتفع سرعة خفقان قلبها، تختنق، ويصبح وجهها شاحبا وتشل حركة يديها ثم ينهار جسدها تماما”.

ومع تزايد هذه المضاعفات وبشكل مسترسل، ومن خلال تتبع وضعيتها بانتظام من طرف طبيب القلب والشرايين بالحسيمة، أخبرها الأخير بضرورة إجراء عملية على مستوى شرايين القلب، وهي العملية التي أجرتها يوم الثلاثاء الماضي، أثناء -إعداد هذا التقرير- بإحدى مصحات الدار البيضاء. عانقت علية ابنها المسجون أخيرا في غرفة المستشفى، بعد أن سمحت له إدارة السجون برؤيتها قبل العملية التي تكللت بالنجاح. عاد الابن إلى السجن وعادت علية إلى الحياة القاسية بالحسيمة لمواصلة المطالبة بإطلاق سراح ابنها المسجون.

المفارقة..

عن الأم علية، قال خالد البكاري، الأستاذ والناشط المدني، قال في تصريح لـ “هوامش”: “..المفارقة أن تأهيل البنية الاستشفائية بمنطقة الريف كان من أبرز مطالب الحراك الذي كان ابنها نبيل أحمجيق من قادته الميدانيين. والحال أن أب نبيل توفي سنة 1996 بمستشفى ابن سينا في الرباط، البعيد عن الحسيمة، واليوم تُجري أمه عملية جراحية على القلب في مستشفى بالدار البيضاء”.

يوضح البكاري لـ”هوامش” أنه “لكل أم لمستها الخاصة في الدفاع عن حق ابنها في الحرية، والسيدة علية تميزت بحضورها في كل جلسات محاكمة ابنها المحكوم بـ 20 سنة، وحضورها الأسبوعي لكل الزيارات السجنية رغم بُعد المسافة. بل ووصل الأمر حد مشاركتها في القافلة التضامنية مع معتقلي إميضر، رغم أن السّفر كان متعبا جدا في ظل ظروف مناخية قاسية عرفت تساقط الثلوج فوق قمة جبل ألبان حيث كان المعتصم التضامني”.

حُـلـم امرأة ريفية 

أما سارة سوجار، الناشطة الحقوقية من مدينة الدار البيضاء، والتي كانت من الذين عايشوا كيف تحوّل حراك الريف من  حلمٍ إلى  كابوس جاثما على النفوس، أن “علية هي جزء من حلم المرأة الريفية التي هزمت الحياة والمرض بحب الحياة”، ثم تضيف  “خالتي علية، أم ربت أبناءها اليتامى وحيدةً بمدينة الحسيمة بعد وفاة والدهم وهم صغار، ورافقت تفاصيل حياتهم حتى قطعت بهم إلى عمرهم هذا”، وتختم سوجار قائلة أن الأم علية “جزء آخر من نضال النساء المغربيات في قضايا اعتقال أبنائهن ظلما، واللائي يطالبن بإرساء حرية التعبير وترسيخ الديمقراطية”.

إقرأوا أيضاً:

من نفس المنطقة:

magnifiercrosschevron-down linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram